• ثمة مقولة رائجة مفادها ان الإنتخابات هي مصدر الشرعية ومعيارها
  • "مطلوب رجل لا يخجل حاضره بماضيه"
  • لبنان بلد الالف مشكلة ومشكلة . مشكلته الاولى بعد الالف انطرحت
  • الإنتخابات في عالم العرب قضية خلافية ومثيرة للجدل دائماً الخلاف لا يقتصر على العرب
  • لبنان ملعب ولاعبون. الملعب هو النظام السياسي ، واللاعبون هم متزعمون في طوائف
  • يمكن تعريف القانون الدولي العام بأنه مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات بين الدول
مقالات
2019-05-25
الكل لا يريد الحرب... ولا السلام !
 

نشرت بجريدة "الخليج "

25/5/2019

الكل لا يريد الحرب... ولا السلام !

د. عصام نعمان

 

 

       دونالد ترامب هدّد كثيراً بالحرب. هدّد كوريا الشمالية وسوريا وايران. هدّد ولم ينفّذ تهديداته . لكنه هدّد الصين بحرب ونفذّها. الحرب التي نفذها هي حرب إقتصادية وتجارية. كان رؤساء ستة قبله قد شنّوا حرباً اقتصادية على ايران منذ العام 1979. لكن سابعهم ، باراك اوباما ، لاحظ ان الحرب الإقتصادية لم تمنع ايران من قطع شوطٍ كبير في تنفيذ برنامجها النووي ما يتيح لها امتلاك سلاحٍ نووي خلال مدةٍ قصيرة، فقام بإجراء تغيير جذري في سياسة الولايات المتحدة قوامه الموافقة على إنهاء الحصار والعقوبات الإقتصادية مقابل تخلّي ايران عن سعيها لإمتلاك سلاح نووي ، وإخضاع منشآتها النووية لرقابة صارمة من الوكالة الاممية للطاقة الذرية.

       الحزب الجمهوري المعارض لم يعجبه اتفاق اوباما النووي (ومعه خمس دول كبرى) مع ايران . ترامب ، الجمهوري الاكثر راديكالية  والأشد معارضة لاوباما ، خاض الانتخابات الرئاسية تحت شعار إخراج اميركا من الإتفاق النووي وإكراه طهران على إجراء مفاوضات جديدة مع واشنطن . لم يتأخر بعد فوزه عن الخروج من الإتفاق النووي في شهر مايو/ايار 2007.

       رهان ترامب تركّز على إسقاط نظام الجمهورية الإسلامية بفعل العقوبات الإقتصادية الشديدة. رهانه لم يصحّ . دول الإتحاد الاوروبي ناهيك عن الصين وروسيا رفضت مجاراته في عقوباته وحصاره لإيران . "اسرائيل" شكّكت في إلتزام ايران الإمتناع عن تصنيع اسلحة نووية . تخوّفت ايضاً ، كما اميركا ، من نجاح ايران في تصنيع صاروخ بالستي بعيد المدى (نحو 2000 كيلومتر) لا يصل الى "اسرائيل" فحسب  بل يصل الى اورويا ايضاً. لذا سارعت تل ابيب ، ومعها اللوبي اليهودي النافذ في واشنطن ، الى تنظيم حملة تحريض في مجلسيّ الكونغرس الاميركي ضد ايران والدعوة الى ضربها قبل ان تتمكن من تصنيع صواريخ بالستية مدمّرة.

استمرار النظام في ايران ، رغم المعاناة من شدة الحصار والعقوبات، ترافق مع نشؤ تحديات عدّة للولايات المتحدة في البينة الدولية ما حمل ادارة ترامب على الإنشغال بها : الصراع مع كوريا الشمالية "النووية" ؛ الصراع مع روسيا حول نشر صواريخ باليستية بعيدة المدى في دول شرق اوروبا خصوصاً بعد إتجاه ادارة ترامب الى نشر هذه الصواريخ في اوكرانيا القريبة من عمق روسيا ؛ الصراع مع الصين المرشحة  ليصبح اقتصادها الاكبر في العالم خلال ثلاث سنوات ؛ تنامي المقاومة في فلسطين ولاسيما في قطاع غزة ضد "اسرائيل" ؛ دعم ايران وروسيا لسوريا في حربها على التنظيمات الإرهابية ما مكّنها من استعادة معظم اراضيها المحتلة وتعديل ميزان القوى لمصلحة حلفائها من القوى العربية المعادية للكيان الصهيوني في المنطقة ؛ انفجار الصراع في فنزويلا وقيام بضع دول في اميركا الجنوبية ناهيك عن روسيا بدعم حكومة الرئيس مادورو المناهض لواشنطن.

كل هذه التحديات والإعتبارات حملت ترامب على الحدّ من اندفاعه ضد ايران كونه منخرطاً في حروب سياسية واقتصادية مع خصوم اشداء في مناطق متعددة من العالم."اسرائيل" ، المحرّضة على شن الحرب على ايران بحجة جدوى ضربها في الحاضر قبل ان تتقوى فتصعب مواجهتها في المستقبل ، بدأت تتخوّف من إنعكاسات سلبية لحربٍ قد تتحول حرباً اقليمية تجد تل ابيب نفسها فيها هدفاً لصواريخ المقاومة المنطلقة من لبنان وقطاع غزة ناهيك عن تلك المنطلقة من سوريا .

كل الاطراف المتصارعة شعرت بأن الحرب مكلفة جداً ووبال على الجميع . هؤلاء كلهم رفعوا عقيرتهم بأنهم لا يريدون الحرب. اميركا وايران وحتى "اسرائيل" (؟) اعلنت انها لا تريد الحرب ، فهل تريد السلام؟

الارجح انهم كلهم لا يريدون الحرب الآن لأنها غير مؤاتية لهم ، لكنهم لا يريدون السلام الان ايضاً لأنه لا يخدم مصالحهم . ما يفعلونه هو التظاهر بالدعوة الى السلام بغية شراء الوقت والتحضير لإنتزاع "حقوق" ومصالح وتحقيق مخططات اخرى لاحقاً .

ترامب يشتري الوقت بالدعوة الى "سلام اقتصادي" من خلال عقد ورشة اقتصادية في البحرين الشهر القادم يشارك فيها مسؤولون تنفيذيون في قطاع الاعمال من اوروبا والشرق الاوسط وآسيا الى جانب عدد من وزراء المال. الغاية ؟ "الحشد للتنمية والإستثمار في فلسطين ، وإعلان الجزء الاول من  "صفقة القرن" .

الفلسطينيون اعلنوا رفضهم للورشة وللغاية منها. تل ابيب آثرت الصمت . لكن صحيفة "هآرتس" (2019/5/21) وصفت الورشة بقولها : "ترامب حضّر زفافاً في البحرين ، لكنه نسي دعوة العريس والعروس اللذين يريد تزويجهما " !

 

رجوع