• ثمة مقولة رائجة مفادها ان الإنتخابات هي مصدر الشرعية ومعيارها
  • "مطلوب رجل لا يخجل حاضره بماضيه"
  • لبنان بلد الالف مشكلة ومشكلة . مشكلته الاولى بعد الالف انطرحت
  • الإنتخابات في عالم العرب قضية خلافية ومثيرة للجدل دائماً الخلاف لا يقتصر على العرب
  • لبنان ملعب ولاعبون. الملعب هو النظام السياسي ، واللاعبون هم متزعمون في طوائف
  • يمكن تعريف القانون الدولي العام بأنه مجموعة القواعد التي تنظم العلاقات بين الدول
مقالات
2015-05-18
لماذا تفاهمات "كامب دايفيد – 2" لا تشمل "سوراقيا" ؟

لماذا تفاهمات "كامب دايفيد – 2" لا تشمل "سوراقيا" ؟

د. عصام نعمان

 

اتفاقات "كامب دايفيد-1" احتوت النزاع بين مصر و"اسرائيل" ، لكنها لم تحتوِ صراع الفلسطينيين معها . كذلك تفاهمات "كامب دايفيد-2" ، فقد احتوت مخاوف السعودية وحليفاتها الخليجيات مع ايران "النووية" ، لكنها لم تحتوِ النزاع بين دول مجلس التعاون الخليجي وايران حول "سوراقيا" ، اي سوريا والعراق.

باراك اوباما نجح ، على ما يبدو، في تبديد هواجس ضيوف منتجعه الرئاسي بإعلانه ان الولايات المتحدة وحلفاءها الخليجيين "يتفقون على ان ابرام اتفاق نووي مع ايران يخدم مصالحهم الامنية (...) وان هذه الدول ستعمل معاً للتصدي لأنشطة ايران التي تزعزع استقرار المنطقة ،  وان واشنطن ستضمن تسريع نقل السلاح لدول الخليج".

أمن الخليج ، اذاً ، اصبح في عهدة الولايات المتحدة التي ستساند حليفاتها ايضاً في قضايا مثل "مكافحة الإرهاب والإنتشار النووي والصراعات". ايّ صراعات ؟ وما معنى "التصدي لأنشطة ايران التي تزعزع استقرار المنطقة" ؟ وهل دعم طهران لسوريا وقوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية "يزعزع استقرار المنطقة" ؟

من الواضح ان اطراف "كامب دايفيد-2" لم يتوصلوا مع الولايات المتحدة الى تفاهم بشأن الصراعات المحتدمة في سوريا وعليها ، وكذلك في العراق وعليه. فالتفاهم بشأن الإتفاق النووي كان ممكناً لأن الولايات المتحدة طرف اساس فيه بينما دول الخليج ليست كذلك  . اما التفاهم بشأن الصراعات في سوراقيا فإن السعودية ومعظم دول الخليج (كما تركيا ايضاً) اطراف مشاركة فيها وليس ما يشير الى وجود رغبة لديها في قبول تسوية اميركية بشأنها . لماذا ؟

 

ثمة خلافات بين واشنطن وحليفاتها الخليجيات حول الغاية المرتجاة من تحالفها معهم في كلٍ من سوريا والعراق ، كما حول القوى المحلية (والوافدة )الجاري التعاون معها في الساحتين السورية والعراقية.

دول الخليج العربية وتركيا تبتغي الخلاص من النظام السياسي القائم في سوريا ، ومن رئيسه تحديداً. كما تبتغي ، في الاقل ، تعديل موازين القوى في العراق على نحوٍ يؤدي الى تغليب حلفائهما "السنّة" في معادلة الحكم وإلاّ اقامة اقليم حكم ذاتي في المحافظات السنّية في غرب البلاد لضمان توازنٍ بينها وبين المحافظات الشيعية في جنوبها والمحافظات الكردية في شمالها.

الى ذلك ، يتحفظ الاميركيون بشأن التعاون مع "الدولة الإسلامية –داعش" في كلٍ من سوريا والعراق ، كما يعتبرون جبهة "النصرة" في بلاد الشام فرعاً من "القاعدة" وبالتالي تنظيماً إرهابياً. الخليجيون (والاتراك) يتقبّلون التحفظ الاميركي بشأن "داعش" لكنهم يرفضونه بشأن جبهة "النصرة" ، خصوصاً بعدما جرى ضمها، بمبادرة انقرة وبعلم واشنطن ، الى تنظيم جديد يحتوي فصائل اخرى "غير قاعدية" اسمه "جيش الفتح".

واشنطن لا يهمها امر الرئيس بشار الاسد ، ولا تمانع في ازاحته اذا كان هذا الخيار قابلاً للتحقيق ، وقد سبق لها ان اسهمت في محاولات جدّية لإزاحته سحابةَ السنوات الاربع الماضية ، لكن دونما جدوى . فوق ذلك ، تشعر واشنطن بأن معاودة العمل لإزاحة الأسد سيثير حفيظة ايران التي اعلنت مساندتها له ولنظامه كما لقوى المقاومة اللبنانية والفلسطينية ما قد يؤدي الى "خربطة" المباحثات الجارية للتوصل الى "الإتفاق النووي النهائي".

صحيح ان واشنطن لن تُغضِب حلفاءها الخليجيين ، وحتى الاتراك ، بمعارضة حملتهم على الاسد ونظامه. إلاّ انها تعارض منحهم مزيداً من الوسائل والفرص، كـ "المنطقة العازلة" و"منطقة الحظر الجوي" ، قبل الفراغ من إقرار الإتفاق النووي النهائي مع ايران.

يمكن تفسير هذا التريث الاميركي حيال الصراعات المحتدمة في سوريا والعراق بأن واشنطن تأمل ، إن لم تكن تخطط ، لفتح كل ملفات النزاعات في الشرق الاوسط " الكبير"، بعد توصلها الى "الإتفاق النهائي" المنشود ، مع ايران. ولعل تخطيطها في هذا المجال ينطوي على اقامة نظام اقليمي رباعي الدفع ، بإشرافها ورعايتها ، يضم الدول الإقليمية الفاعلة في المنطقة وهي ثلاث بإنتظار اخرى رابعة : ايران وتركيا و"اسرائيل" ، فمن تراها تكون الدولة الرابعة ؟

بمعزل عن اي تخطيط اميركي في هذا المجال  فإن مصر ، بقيادة المشير عبد الفتاح السيسي ، ترنو الى استعادة دورها العربي والإقليمي وذلك بالتعاون ، مالياً وإقتصادياً وسياسياً ، مع دول الخليج من دون الإصطدام سياسياً وعسكرياً بإيران من جهة وبالإعلان عن تمسكها بوحدة سوريا والعراق ودعمهما في وجه الإرهاب والتقسيم من جهة اخرى.

في المقابل ، تسعى السعودية ، في اطار مجلس التعاون الخليجي وخارجه ، الى تحويل نفسها قوة سياسية وعسكرية نافذة في المنطقة كي يكون لها دور وتأثير في التسويات المزمع "طبخها" بعد توقيع الإتفاق النووي النهائي اواخرَ الشهر المقبل.

اذ تبدو هذه القراءة للتوقعات القادمة مقبولة نسبياً ، فإن تحققها يتوقف في التحليل الاخير على ما يمكن ان يفعله لاعبان اساسيان: سوريا وقوى المقاومة اللبنانية اذا ما تنّسى لها دحر "النصرة" و"داعش" ومدى تجاوب ايران معها في سياق المرحلة الجديدة البازغة من جهة ، و"اسرائيل" ومدى تجاوب الولايات المتحدة مع تحركاتها ضد الفلسطينيين ودول الطوق العربية من جهة اخرى.

و... الصراع مستمر على جميع الجبهات والمستويات.

 

رجوع