جريدة "الوطن"
تاريخ 4/4/2014
اللاجئون يعيدون رسم حدود بلاد الشام
د عصام نعمان
في شهادة امام مجلس الشيوخ الاميركي ، قالت مساعدة وزير الخارجية آن باترسون إنه " لا يمكن إجراء انتخابات في سوريا بينما هناك ما بين تسعة وعشرة ملايين سوري خارج البلاد"
ما مستقبل هؤلاء النازحين؟
السفير البريطاني في بيروت طوم فلتشر تبّرع بالجواب إعترف في مقابلة مع صحيفة "السفير"(29/3/2014) "بوجود مخاوف من توطين السوريين في لبنان ما دام الصراع مستمراً في سوريا" لكنه أقرّ ايضاً بأن النارحين السوريين كما الفلسطينيين لا يريدون البقاء في لبنان ويرغبون في العودة الى ديارهم
طالما ان التوطين غير مرغوب فيه فلا يبقى امام هؤلاء النازحين إلاّ الإستيطان او الهجرة أليست مفارقة تاريخية انه في الوقت الذي يقوم اليهود الصهاينة بالإستيطان في فلسطين ، يُضطر النازحون السوريون والفلسطينيون الى الإستيطان حيث ارغموا على اللجؤ؟
اذ يتزايد الامل بأن تجري مصالحات اهلية في المناطق السورية التي توقف فيها القتال ، ولاسيما في محافظتي دمشق وحمص ما يتيح للسوريين النازحين ان يعودوا الى ديارهم ، فإن مؤدى توطين او استيطان عشرة ملايين نازح سوري في لبنان والاردن ليس كله سلبياً بالنسبة لبعض المراقبين ذلك ان مجرد بقاء هؤلاء حيث هم الان يُفسح في المجال، عاجلاً او آجلاً ، لإعادة رسم الخريطة السياسية للاقطار الثلاثة ويُسهم تالياً في اعادة توحيد بلاد الشام
قد يبدو هذا الإحتمال غريباً او بعيداً في الوقت الحاضر ، لكن توطين هؤلاء النازحين او استيطانهم سيخلق حقائق على الارض لا يمكن تجاهلها
وقد يقول قائل : رُب ضارة نافعة وقد يقول آخر : كلاّ ، إن الهدف الاساس عند الجميع ، سوريين وفلسطينيين ، ما زال دحر الغزاة الأجانب والعنصريين الصهاينة لضمان عودة النازحين جميعاً الى ديارهم
غير ان لهذا العدد الهائل من النازحين السوريين تداعيات وانعكاسات ومشاكل لا تقتصر على شعوب الدول المجاورة بل له ايضاً اضرار ومشاكل صحية واجتماعية تصيب النازحين انفسهم فقد كشف رئيس قسم الطب الشرعي في جامعة دمشق الدكتور حسين نوفل النقاب عن توثيق اكثر من 18 الف حالة سرقة اعضاء بشرية وقعت ، وكان معظم ضحاياها من الاطفال ، محذراً في الوقت ذاته من ان اكثر من مئة الف طفل سوري قد يلاقون المصير نفسه في حال لم يتم التحرك للتصدي لهذه الظاهرة
ويؤكد الدكتور نوفل "ان كل أشكال الإتجار بالأشخاص الموجودة في العالم باتت موجودة في مخيمات لجؤ السوريين في لبنان والاردن وتركيا ، وفي بعض المناطق الساخنة في شمال سوريا وشرقها وجنوبها" ، موضحاً انه ، إذ تمّ توثيق اكثر من 18 الف حالة سرقة اعضاء بشرية ، معظمهم من الاطفال ، فإن عمليات التوثيق ما زالت قائمة ولفت الدكتور نوفل الى انه "خلال ثلاث سنوات من الازمة باتت حالات الإتجار بالأعضاء تقدر بعشرات الآلاف
الى ذلك ، يؤكد مصدر متابع لملف سرقة الاعضاء لصحيفة لبنانية ان هذه القضية تحتاج الى جهود دولية كبيرة لتوثيقها ومتابعتها وايجاد حلول لها ، موضحاً ان كل المحاولات الفردية السورية هي محاولات "خجولة" لا ترقى الى درجة وضع حد لهذه الظاهرة او حتى معاقبة "المافيات" التي تعمل على الإتجار بأعضاء السوريين واكد المصدر "ان خروج مناطق عديدة عن سيطرة الحكومة تتطلب من الدول المجاورة مضاعفة رقابتها لهذا النوع من العمليات الإجرامية"
الى ذلك ، فإن لهذا الجانب الآخر المظلم والمؤلم لمشهدية الازمة السورية افرازين لافتين:
الاول ، بروز سوريا ، من خلال نازحيها ولاجئيها ، كدولة "مصدرة للاعضاء البشرية" الامر الذي يزيد ازمتها تعقيداً على جميع المستويات
الثاني ، دخول دول متعددة على خط الازمة لإعتبارات انسانية الامر الذي يسيء الى سمعة كل الدول العربية ما لم تسارع الى إستدراك تقصيرها بمعالجة هذه الظاهرة الخطيرة بكل الوسائل الممكنة
هكذا يتضح ان الازمة السورية تتجه الى ان تصبح نكبة العرب الكبرى في القرن الحادي والعشرين ، بل نكبة العصر لكونها ذات مفاعيل سياسية وانسانية تمس دولاً وشعوباً عدة ، كما الجنس البشري عامةً