نشرت بجريدة "البناء و"القدس العربي"
تاريخ 28/5/2018
كيف يمكن إحباط اعتراف اميركا
بسيادة "اسرائيل" على الجولان ؟
د. عصام نعمان
اسرائيل ناشطة في توظيف كل عداء دونالد ترامب لخدمتها ضد إيران والعرب ، ولاسيما ضد سوريا وحركات المقاومة اللبنانية والفلسطينية . هي لم تكتفِ بإعتراف واشنطن بالقدس عاصمة لها ونقل سفارتها اليها بل تسعى الآن الى تحقيق ما لا يقلّ خطورةً : اعتراف الولايات المتحدة بسيادة الكيان الصهيوني على الجولان السوري المحتل .
وزير الإستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس كشف ان الدولة العبرية تضغط على ادارة ترامب للإعتراف بسيادتها على هضبة الجولان المحتلة ، متوقعاً اعلان واشنطن موافقتها خلال اشهر . مسؤول في البيت الأبيض علّق على تصريح كاتس بقوله : "نتفق مع اسرائيل في عدد كبير من القضايا" . ثم ما لبثت الخارجية الاميركية ان حذّرت سوريا من قيام جيشها بتحرير منطقة درعا من التنظيمات الإرهابية .
الإحجام الاميركي عن تأكيد الإعتراف لا يعني نفي الطلب الإسرائيلي ولا امكانية استجابته لاحقاً . إنه يعني ، ضمناً ، وضع مسألة الإعتراف قيد المساومة وفي سياق محاولات واشنطن في هذه الآونة لإبتزاز اعدائها واعداء اسرائيل عقب انسحابها من الإتفاق النووي واعلانها المزيد من العقوبات الإقتصادية ضد ايران ، وسعيها لحمل دول اوروبا على مجاراتها في هذا السبيل.
يجب أخذ تصريح كاتس على محمل الجدّ وكذلك احتمال استجابته من طرف ادارة ترامب . فهو"يعلّل" طلب الإعتراف بأنه "جزء من نهجٍ لإدارة ترامب يقوم على مواجهة ما يُنظر اليه على انه توسع اقليمي (...) من جانب ايران ، وان هذا هو الوقت المثالي للإقدام على مثل هذه الخطوة".
كيف يمكن ان تردّ سوريا على هذا التحدي القديم – الجديد ؟
سوريا تُدرك انها باتت مسرح صراعٍ مرير بين الولايات المتحدة واسرائيل من جهة وكل العالم من جهة اخرى ، ولاسيما اوروبا المتضررة من انسحاب اميركا من الإتفاق النووي وايران التي تستهدفها اميركا في اقتصادها وصناعة صواريخها البالستية وصولاً الى محاولة تفكيك نظامها السياسي ، وان اسرائيل تقوم بإنتهاز هذه الفرصة من اجل دعم مخطط تقسيم بلاد الشام وبلاد الرافدين وتفكيكها الى كيانات قَبَلية ومذهبية واثنية حمايةً لأمنها وضمانةً لتصفية القضية الفلسطينية . سوريا تدرك هذه التحديات والمخاطر ، ومن المفترض انها تحسّبت وخططت لمواجهتها بالتعاون مع حلفائها . فماذا تراها فاعلة ؟
لا يفوت دمشق ان ايران مستهدَفَة في صميم كيانها ونظامها وإقتصادها وفي تحالفها معها ومع سائر قوى المقاومة العربية الناشطة ضد اسرائيل. كما لا يفوتها ان قيام ايران مشكورةً بدعمها ، كما قوى المقاومة، انما يتمّ ايضاً في سياق استراتيجية دفاعها عن أمنها القومي ووحدتها واستقرارها. ذلك ان الإتفاق النووي للعام 2015 ترك ايران من دون سلاح نووي ما أخلّ بتوازن القوى لصالح اسرائيل التي تمتلك اسلحة نووية وصواريخ بعيدة المدى وطائرات صالحة لنقلها واستعمالها . من هنا تنبع مصلحة طهران في اقامة قواعد عسكرية متعددة الاغراض في سوريا للدفاع عن نفسها وعن سوريا. وعليه ، من الطبيعي ان تتمسك ايران ، برضى سوريا، بهذه القواعد طالما الجولان في قبضة الإحتلال الإسرائيلي الضالع في مخطط ناشط لدعم فصائل ارهابية ومحلية عاملة على تفكيك الدولة السورية واستباحة سيادتها.
لا يفوت موسكو انها تعاملت دائماً مع سوريا على اساس انها دولة سيّدة ، وانها وقّعت معها معاهدة لإقامة قاعدتين عسكريتين في طرطوس وحميميم لمدة 49 عاماً ، وانها ملتزمة دعم دولة سوريا ، سياسياً وعسكرياً، من اجل دحر التنظيمات الإرهابية وتحرير اراضيها المحتلة واستعادة سيادتها عليها ، وان سوريا بكل الصفات والمقوّمات الوطنية والجغرافية والسياسية سالفة الذكر تعتبر الجولان جزءاً لا يتجزأ من دولتها و سيادتها على كامل ترابها الوطني. وعليه ، تكون روسيا ملزَمَة ، تعاقدياً واخلاقياً وعملاً بأحكام القانون الدولي وميثاق الامم المتحدة وقرارات مجلس الامن الدولي ، بأن ترفض وتردع اي محاولة من اسرائيل والولايات المتحدة لتكريس احتلال الجولان وسلخه عن الدولة السورية وسيادتها وإلحاقه بدولة العدوان الإسرائيلي.
يتأسس على الواقعات والتحديات والموجبات الوطنية والأخلاقية والقانونية سالفة الذكر امكانية ، بل وجوب، اتخاذ المواقف والخطوات اللازمة لإحباط اعتراف الولايات المتحدة بسيادة اسرائيل على الجولان وذلك على النحو الآتي :
.1 اعلان صريح وصارم من الحكومة السورية بإعتزامها قطع العلاقات الديبلوماسية مع الولايات المتحدة ومع أي دولة اخرى تجاريها في الإعتراف بسيادة اسرائيل على الجولان المحتل.
.2دعوة الدول العربية والإسلامية والصديقة الملتزمة بوحدة سوريا وسيادتها الى قطع العلاقات الديبلوماسية مع الولايات المتحدة وكل دولة تجاريها في الإعتراف بسيادة اسرائيل على الجولان المحتل.
.3 دعوة الحركات الوطنية وقوى المقاومة في عالم العرب الى تنظيم مؤتمرات شعبية عامة لتعبئة القوى الحية ضد هجمة الولايات المتحدة واسرائيل على سوريا وادانة محاولتها تفكيك كيانها الجغرافي والسياسي واستباحة سيادتها ، ودعوة الدول والحكومات والحركات الوطنية والشعبية الصديقة الى مقاطعة الولايات المتحدة وكل من يجاريها في سياستها العدوانية ضد سوريا وفلسطين وضد ايّ قطر عربي يواجه عدوانها عليه.
.4 دعوة العراق ، حكومةً وشعباً ، الى إقامة جبهة سياسية وعسكرية مع سوريا ضد اسرائيل وتنظيمات الإرهاب التكفيري وضد الدول والحكومات التي تدعم اسرائيل ووكلائها المناهضين للوحدة والسيادة الوطنيتين في سوريا والعراق ولبنان ، ولدعم تحرير فلسطين وحق شعبها في العودة الى ارضه.
.5التوافق بين سوريا وايران وروسيا على دعم سوريا سياسياً واقتصادياً وعسكرياً في كفاحها لإستعادة وحدتها وسيادتها على كامل ترابها الوطني بما في ذلك الجولان المحتل .
.6 دعوة ايران وروسيا الى تزويد سوريا وحركات المقاومة بكل الاسلحة والمعدات والتجهيزات العسكرية المتطورة (أقلّه منظومة S-300) اللازمة لضمان أمنها القومي والدفاع عن شعبها وارضها ومواردها واستقرارها.
.7 دعوة سوريا وقوى المقاومة العربية العاملة الناشطة في ساحاتها الى التعجيل في شن مقاومة ميدانية ومقاومة مدنية شاملتين لإجلاء القوات الأجنبية المتواجدة على اراضيها دونما ترخيص من حكومتها الشرعية .
.8 دعوة سوريا وايران وروسيا الى عدم الإنخراط في اي مفاوضات اقليمية او دولية لصياغة تسوية سياسية للأزمة والحرب قبل إجلاء جميع القوات الأجنبية المتواجدة في سوريا دونما ترخيص من حكومتها الشرعية .
.9 اقتصار المفاوضات الهادفة لتسوية الازمة السورية على الاطراف السوريين دون غيرهم وذلك بمشاركة الامم المتحدة وبدعمها اللوجسيتي.
.10 وجوب طرح اي اتفاق يتوصل اليه الأطراف السوريون في المفاوضات على الشعب السوري ليصار الى إقراره (او رفضه) في استفتاء شعبي ترعاه الامم المتحدة.
هل من موجب وطني او قانوني إضافي يقتضي إعتماده ؟