نشرت بجريدة"البناء"
تاريخ 12-5-2018
ايّ لبنان بعد الإنتخابات ؟
(خطوط عريضة)
د. عصام نعمان (*)
كيف سيكون لبنان بعدما انتهت انتخابات مستحقة منذ تسع سنوات ؟ هذه ، بخطوطٍ عريضة ، بعض ابرز الظاهرات والاحتمالات التي تُسهم في تكوين إيجابة اوليّة :
-
ظاهرات ملحوظة
.1 نجاح اركان الشبكة الحاكمة في إجراء الإنتخابات وفق قانون مفصّل على قياس مصالحهم ومشاركة شعبية لم تلامس نسبة الخمسين في المئة.
.2 عودة التكتلات البرلمانية لإركان الشبكة الحاكمة بأعداد متفاوتة لكن كافية لتكييف موازين القوى اللازمة بغية الإمساك بمفاصل السلطة.
.3 استمرارُ الإنقسام السياسي بين معسكرين رئيسين: واحد مضاد للغرب وآخر صديق له مع لبوس طائفي ظرفي لكلٍّ منهما.
.4 تراجعٌ حادٌ لقوى اليسار الايديولوجي التقليدي وظهور محسوس ولكن محدود لعناصر المجتمع المدني العلماني.
.5 شكوى عامة من اعتماد اطراف متعددة الإثارة المذهبية واستخدام المال السياسي على نطاق واسع في الإنتخابات.
-
مظاهر إخفاق قانون الإنتخاب في تحقيق صحة التمثيل وعدالته
.1 وجود 15 دائرة متفاوتة الأحجام في عدد الناخبين كما في عدد المقاعد.
.2 تكاثرُ اللوائح الإئتلافية الإنتخابية المتنافسة وتداخلها سياسياً ومذهبياً ما ادى الى هشاشة تماسكها.
.3 تدني عدالة التمثيل نتيجةَ التضارب بين إلتزام قاعدة الحاصل الإنتخابي وقاعدة الصوت التفضيلي عند فرز الأصوات بحسب أحكام قانون الإنتخاب.
.4 نقصٌ فادح في التنظيم نتيجةَ نقص ملحوظ في التدريب على إجراءات تنفيذ أحكام قانون الإنتخابات الجديد.
.5 مخاطرُ إجراء الإنتخابات في ظل حكومةٍ اكثر وزرائها مرشحون فيها.
(جـ) احتمالات تقاسم السلطة بعد الإنتخابات والاولويات المرجّحة
.1 التكتلُ النيابي الاكبر عددياً هو لحزب الله وحلفائه اذ يحظى بنحو 44 نائباً، اي ثلث مجموع نواب البرلمان.
.2 هذا الثقل النيابي لحزب الله وحلفائه يمكّنه من التجديد لنبيه بري في رئاسة المجلس ومن تأمين مركز تفاوضي قوي في مداولات اختيار رئيس الحكومة ، ولاسيما بعدما بات سعد الحريري الاول بين النواب السنّة وليس الزعيم الأوحد.
.3 للتوافق على الاولويات السياسية والاقتصادية دور حاسم في تقرير هوية رئيس الحكومة وتركيبة الحكومة المقبلة وفي تشكيل هوية رئيس الجمهورية المقبل.
.4 سيلعب الموقف من سوريا ولاسيما من مسألة إعادة النازحين السوريين دوراً اساسياً في اختيار رئيس الحكومة وتركيبة الحكومة المقبلة.
.5 ستعلو الدعوة الى إعتماد موقف وطني مؤيد لأطراف محور المقاومة في الصراع الدائر في المنطقة مع الولايات المتحدة و"اسرائيل" .
(هـ) الاصلاح والتغيير: اولويات ومقاربات
.1 قوى التغيير مشتتة ومبعثرة ، وقد فشلت محاولات حثيثة عشية الإنتخابات للتنسيق فيما بينها دونما جدوى.
.2 قوى التغيير لا تقتصر على اليسار بشتى اطرافه بل تتواجد ايضاً في قوى داخل احزاب السلطة والمستقلين وحزب الله وبعض حلفائه.
.3 التوافقُ على مسألة الاولويات في المرحلة المقبلة مفتاحٌ رئيس للوصول الى جبهة عريضة للاصلاح والتغيير باتت واجبة الوجود.
.4 المدخلُ الى التغيير وشرطه الرئيس هما تغيير البيئة السياسية بتغيير المناهج والوسائل المعتمدة في هذا السبيل.
.5 لعل الاولويات الاكثر إلحاحاً في متطلبات الاصلاح والتغيير هي الآتية:
اولاً ، اعادة بناء الدولة ومؤسساتها وتشريع قوانينها بالحرص على تطبيق احكام الدستور غير المطبقة عملياً حتى الآن ولا سيما:
-
المادة 7 : اللبنانيون سواء امام القانون.
-
المادة 20 : استقلال السلطة القضائية.
-
المادة 22: انتخاب مجلس نواب على اساس وطني لاطائفي ومجلس شيوخ لتمثيل الطوائف. وفي هذا الإطار يُصار الى إعتماد قانون جديد للإنتخابات على اساس النسبية في دائرة وطنية واحدة ، واعتباره اولوية اولى.
-
المادة 27: النائب يمثل الامة جمعاء.
-
المادة 77: اعادة النظر بالدستور بغية اقرار قاعدة الإستفتاء الشعبي في القضايا الاساسية .
- المادة 95 : إنشاء الهيئة الوطنية لإلغاء الطائفية وتفعيلها، وإزالة جميع وجوه التمييز ولاسيما ضد المرأة.
ثانياً، محاربة الفساد بكل وجوهه في الدولة والحياة العامة، ومواجهة الضائقة المعيشية بقوانين ومشاريع لإزالة البطالة والفقر والمرض والتخلّف ، وتعميم الضمانات الإجتماعية ولاسيما ضمان الشيخوخة، وتفعيل المشاريع الإنمائية المنتجة للثروة الوطنية والخدمات والضمانات الاجتماعية.
ثالثاً، التوافق على استراتيجية متكاملة للدفاع الوطني وتكريس دور المقاومة فيها.
رابعاً، معالجة مسألة النازحين السوريين بالتعاون الوثيق مع سوريا ومؤسسات الامم المتحدة ذات الصلة.
خامساً ، اخذ الوضع الاقليمي في الحسبان من حيث ضرورة التعاون الوثيق مع الدول والقوى الشعبية المناهضة للهيمنة والكيان الصهيوني والإرهاب .
(*) نائب ووزير سابق
(**) ورقة قُدمت الى ندوة في مركز ألف حول الإنتخابات الأخيرة وتداعياتها.