السيسي لا يدير ظهره للمصريين ... فقط لـِ "حماس" ؟
جريدة"الخليج" لم تنشر
تاريخ 8/3/2014
السيسي لا يدير ظهره للمصريين…فقط لـِ "حماس" ؟
د. عصام نعمان
المشير عبد الفتاح السيسي عسكري بالمهنة ، لكنه سياسي بالسليقة منذ اسابيع وهو يلمّح ولا يصرّح بإعتزامه الترشح للرئاسة كل الدلائل تشير الى انه مرشح لا محالة ، لكن لا اجراء رسمياً جرى اتخاذه في هذا السبيل حتى الآن لماذا كل هذا الغموض ؟ لعدة اسباب :
اولها ، ان ثمة تدابير تنظيمية في القوات المسلحة يتوجب عليه القيام بها قبل مغادرة منصبه كوزير للدفاع لذلك فهو يمدد فترة مسؤوليته الحكومية والعسكرية ليتمكن من انجاز المهام المطلوبة قبل اعلانه رسمياً ترشحه للرئاسة
ثانيها ، ان اجهزة استخباراته رصدت اتصالات جرت بين بعض الشخصيات السياسية والولايات المتحدة بشأن خوض معركة انتخابات الرئاسة بعدما تأكد ان الاخوان المسلمين لن يخوضوها بمرشح من جماعتهم ، وان الغاية من تلك الاتصالات التوافق على امرين : التفاهم على شخصية اسلامية شعبية مقبولة من الاخوان وغير معادية لجمهور "ثورة 25 يناير" لخوض معركة انتخابات الرئاسة ، وإقناع عدة شخصيات مقبولة من جمهور "ثورة 30 يونيو" لخوض الإنتخابات ايضاً كي يجتذبوا الآف الاصوات من طريق المشير السيسي فتفوز الشخصية الإسلامية إياها بمركز الرئاسة كما حدث خلال تجربة الدكتور محمد مرسي في الإنتخابات الرئاسية السابقة لذلك فإن جهاز السيسي الإنتخابي ينشغل حالياً في مواجهة هذا الإحتمال
ثالثها ، ان الناصريين وسائر القوى العروبية والديمقراطية واليسارية قد اتفقوا على دعم ترشيح زعيم "التيار الشعبي" حمدين صباحي الذي يتمتع بجماهيرية واسعة الامر الذي يستوجب محاورة قادتهم لإقناعهم بسحب صباحي لتوحيد القاعدة الشعبية في وجه المرشح الإسلامي الذي تدعمه الولايات المتحدة وحلفاؤها
الناصريون وحلفاؤهم لا يصدّقون أن الاميركيين يحاولون تأمين شخصية اسلامية شعبية لمواجهة السيسي بالعكس، هم يعتقدون ان ثمة ادلة تشير الى ان المشير هو الذي يحظى بدعم الاميركيين لماذا ؟ لأنه يقف موقفاً سلبياً للغاية من حركة "حماس" ويعتبرها مجرد ذراع للأخوان المسلمين بين الفلسطينيين صحيح ان صباحي وانصاره يكرهون الاخوان المسلمين ومن يذهب مذهبهم ، إلاّ انهم يخشون ان يكون عداء السيسي وجماعته لـِ "حماس " هو عداء لجميع تنظيمات المقاومة العاملة في قطاع غزة هم لا يمانعون في الإقتصاص من "حماس" وكل من يضع يده بيد الاخوان المسلمين للقيام بعمليات ارهابية في سيناء او في قلب مصر ذاتها ، لكنهم لا يجدون سبباً للأقتصاص من "حماس" بهدم الانفاق بين قطاع غزة ومصر التي يعتمد عليها كل شعب غزة بغذائه ودوائه وسلاحه الانفاق هي ملك شعب غزة برمته ومن ضمنه تنظيمات المقاومة العاملة في القطاع ، فهل يجوز التضحية بهذه التنظيمات في سياق التضييق على "حماس" المتهمة بالتعاون مع جهات ارهابية ؟
فريق من المحللين السياسيين المصريين يعتقد ان لا "حماس" تقوم بدعم الاخوان ليقوموا بعمليات ارهابية في مصر ، ولا السيسي بصدد التعاون مع الاميركيين من اجل التضييق على المقاومة في غزة او في غيرها يقول هذا الفريق إن السيسي لن يدير ظهره لا للمصريين ولا للمقاومة الفلسطينية بل فقـط لـِ "حماس" المشير يناور ليأمن شر الاميركيين الذين يؤيدون ، حتى إشعار آخر، الاخوان المسلمين وذلك بأن يضرب بقوة الإرهابيين وكل من يمدهم بأسباب الحياة والقوة من دون التفريط بالمقاومة
جرى عرض رأي هذا الفريق من المحللين السياسيين على شخصيتين ناصريتين كانتا في زيارة بيروت فلم تستبعدا بصورةٍ عامة مآله الإيجابي ، إلاّ انهما اصرتا على وجوب استمرار صباحي في ترشيح نفسه للرئاسة شريطة عدم الصدام لا بالسيسي ولا بالجيش كيف ؟ بتركيز صباحي على برنامجه الوطني الديمقراطي الإجتماعي الإنمائي وعدم إنتقاد السيسي او الجيش وبالتالي الإحتكام الى الشعب ليفاضل بينهما على اساس برنامج كل منهما ونجاحه (او عدم نجاحه) في التعبير عن آمال الشعب وامانيه
احدى الشخصيتين اضافتا امرين لافتين : الاول ، انه يجب إعداد مصر لحياة ديمقراطية صحيحة ، وتدريب المصريين منذ الآن على متطلباتها وهذا يتحقق بأن نتيح لهم المفاضلة بين مرشحين او اكثر ، لا ان نقيدهم بخيار وحيد تحت اية حجة من الحجج فالديمقراطية ، في المطاف الاخير ، هي حق الإختيار بين عدة خيارات
الامر الثاني ، ان بقاء حمدين صباحي مرشحاً سيحمل المشير السيسي على تعديل برنامجه الإنتخابي لتعزيز باب العدالة الإجتماعية فيه ذلك ان برنامج صباحي وخطابه السياسي يركزان على قضايا المعيشة والصحة والعمل ومعالجة مشاكل البطالة والفقر وبما ان حكومة حازم الببلاوي قد استقالت تحت وطأة الإضرابات والإحتجاجات العمالية ، فلا بد ، والحالة هذه ، من ان يحاول السيسي سد النقص في برنامجه الإجتماعي كي لا يبقى متخلفاً عن صباحي في هذا المجال
بإختصار ، بقاء صباحي في المعترك الإنتخابي يرتقي بالمنافسة الديمقراطية بينه وبين السيسي الامر الذي يصبّ في مصلحة شعب مصر التائق الى حرية والعدالة وكرامة العيش