نشرت بجريدة "الخليج"
تاريخ 14-4-2018
اسئلة استشرافية
عن حرب مرتقبة او ممكن تفاديها ؟
د. عصام نعمان
هل من حربٍ وشيكة على سوريا ام على ايران ؟ ام على الاثنتين معاً ؟
في زمن دونالد ترامب ، يصعب التكهن اذ تتحوّل السياسة ، وحتى الحرب ، ضرباً من ضروب التنجيم والتخمين . لكن ذلك لا يحول دون إعمال الفكر والبحث والإستشراف لإستقصاء الخيارات المتاحة والإحتمالات الممكنة قبل ايام وربما ساعات معدودات من حربٍ مرتقبة ، ومن امكانية تفاديها بشكلٍ او بآخر .
لعل السؤال - المدخل هو : ما الدافع الرئيس الى شنّ الحرب ؟ هل هو معاقبة سوريا بدعوى استعمالها سلاحاً كيميائياً في غوطة دمشق الشرقية ؟ ام لأن جيشها تمكّن من تحريرها من "جيش الإسلام" المتمركز في مدن الغوطة وقراها على بعدٍ أقصاه خمسة كيلومترات من قلب العاصمة دمشق؟
هل تمتلك أية جهة دولية او اقليمية ادلة ثبوتية تؤكد حصول استعمالٍ للسلاح الكيميائي وهوية الفاعل في هذه الحالة ؟ اذا لم يكن ثمة ادلة ثبوتية ، لماذا لا يصار الى اعتماد مؤسسة دولية مختصة كمنظمة حظر الاسلحة الكيميائية للكشف على موقع النزاع وتقديم تقرير متكامل في الموضوع ؟ ثم لماذا استعجال إدانة او تبرئة هذه الجهة او تلك قبل التثبت رسمياً من صحة استعمال سلاح كيميائي في موقع النزاع وهوية الفاعل ؟
اذا كان دافع الولايات المتحدة الى معاقبة سوريا هو إستعمالها سلاحاً كيميائياً، فلماذا لا يكون ذلك نتيجةً لقرارٍ يتخذه مجلس الأمن الدولي في ضوء تقرير من مؤسسةٍ دولية يؤكد صحة وقوع الفعل وهوية الفاعل ؟ وهل تجرؤ ايّةٌ من الدول الخمس الكبرى صاحبة حق النقض (الفيتو) على استخدامه في حال وجود تقرير ثبوتي امام مجلس الأمن من مؤسسة دولية معترفٍ بها؟
اذا كان دافع "اسرائيل" الى شنِّ الحرب هو منع ايران من التمركز في سوريا ، كما اكّد ذلك مراراً بنيامين نتنياهو ووزير حربه افيغادور ليبرمان ، فهل تشارك الولايات المتحدة فيها تنفيذاً لتهديد ترامب بتدفيع سوريا "ثمناً باهظاً " لاستعمالها سلاحاً كيميائياً ؟ ام تبرّر واشنطن الأمر بأنه تدبير عقابي لرفض ايران الموافقة على تعديل الاتفاق النووي ؟
كيف ستردّ روسيا على "اسرائيل" والولايات المتحدة بعدما اكد اكثر من مسؤول سياسي وقائد عسكري تصميم موسكو على الرد اذا ما تعرضت سوريا الى عدوان ؟ وهل يُعقل ان تبقى تل ابيب وواشنطن مصممتين على ضرب سوريا لوجود قواعد عسكرية ايرانية فيها او عقاباً لها على استعمال اسلحة كيميائية سواء جرى التثبت من ذلك او لم يجرِ ؟
كيف ستكون الضربة الاميركية (او الإسرائيلية) القادمة في سوريا ؟ هل ستكون قوية وشديدة الاذى ، كمحاولة تدمير سلاح الجو السوري كما تردد في بعض وسائل الإعلام الاميركية والإسرائيلية ؟ ام ستكون ضربة محدودة الفعالية لإشعار دمشق بأنها ما زالت في متنازل قوتهما الرادعة ؟
كان نتنياهو قد برّر قيام "اسرائيل" ، قبل ايام ، بغارة صاروخية على مطار "تي فور" T-4 شرقيّ حمص بقوله: "يحق لك ان تقتل من يعمل على قتلك"، فهل يعمد رئيس حكومة "اسرائيل" الى استعمال سلاح دمار شامل وقاتل ضد ايران اذا ما قامت هذه الاخيرة بإمطار "اسرائيل" بوابل من الصواريخ البالستية المدمرة؟ وهل يشارك حزب الله من خلال قواعده في سوريا ولبنان بالرد الصاروخي الشامل على "اسرائيل" ؟ وهل تُقدم "اسرائيل" في حال تعرضها الى اضرار بشرية ومادية جسيمة وشلٍّ شامل لمرافقها الحيوية من موانيء ومطارات وقواعد عسكرية ومفاعلات نووية ومستودعات امونيا ومعامل كهرباء ، الى استعمال اسلحة دمار شامل (كيميائية او نووية) ضد ايران بقصد تدميرها ومحاولة اخراجها من ميدان الصراع في غرب آسيا ؟ وماذا ستكون طبيعة الرد الروسي اذا ما جاء الفعل العسكري الإسرائيلي على درجة عالية من الضخامة والقسوة ؟ هل تتدخل موسكو في الحرب للحؤول دون هزيمة حليفيها السوري والإيراني ؟ وفي هذه الحالة ، كيف ستكون ردة فعل الولايات المتحدة ؟ هل هي مستعدة فعلاً للإنزلاق الى حرب كونية مدمرة قد يمتد مسرحها من غرب آسيا الى شرقها ومن ضفاف شرق المتوسط الى ضفاف بحر قزوين وربما الى غرب اوروبا ايضاً ؟
اسئلة ستجد اجوبة لها في مدى ايام او ساعات قلائل كما يقول المتكهنون و... المنجمون !