نشرت بجريدة"البناء" و"القدس العربي"
تاريخ 24/3/2018
لماذا تحتفل "اسرائيل"
بتدمير المفاعل النووي (؟) السوري بعد 11 سنة ؟
د. عصام نعمان
الفرحة تغمر المسؤولين السياسيين والعسكريين هذه الايام . الإبتهاج سيتواصل الى منتصف شهر ايار/مايو المقبل حيث يبلغ ذروته لمناسبة مرور70 سنة على إقامة الكيان العنصري، وكذلك احتفاء بإفتتاح سفارة الولايات المتحدة في القدس ربما بحضور دونالد ترامب شخصياً . الى ذلك، يبتهج المسؤولون السياسيون والعسكريون ، حتى درجة الشجار فيما بينهم، حول دور كل منهم في إنجاح تدمير المفاعل النووي(؟) السوري بعد مرور نحو 11 سنة على وقوعه لدرجة ان وزير الحزب افيغاد ليبران صرح من افريقيا حيث يقوم بجولة سياسية ان الخلاف العلني الذي اندلع بين السياسيين والإستخبارتين الإسرائيليين وموجة تبادل الإتهامات جعلاه يندم على موافقته للرقابة العسكرية على نشر تفاصيل العملية!
لماذا كل هذا الضجيج الصهيوني في هذه الآونة ؟
ثمة اسباب عدّة ، ابرزها ثلاثة :
الاول ، انتشار الكثير من الظنون والشكوك والإتهامات حول فضائح فساد ورشى مالية منسوبة لبنيامين نتنياهو وزوجته وابنه ما يهدد بصدور قرار اتهامي عن النائب العام بإحالته على المحكمة . لهذا الجو القاتم تداعياته السياسية والنفسية بطبيعة الحال الامر الذي استدعى قيام زمرة نتنياهو السياسية والإعلامية بكشف اسرار ونشر اخبار من شأنها شد انتباه الرأي العام بعيداً عن الإتهامات المتداولة بحقه ، والتغطية عليها بمعلومات ومواقف مفرحة متعددة المصادر بغية اشاعة اجواء مريحة عشية عيد الفصح اليهودي ، والإحتفال بذكرى قيام الكيان الصهيوني ، والإحتفاء بنقل السفارة الاميركية الى القدس.
الثاني ، التغطية على مفاعيل اندحار التنظيمات الإرهابية في غوطة دمشق الشرقية وانسحابها ، بمسلحيها وعائلتهم ، الى محافظة ادلب شمالي غرب سوريا ، واستسلام مسلّحين آخرين للجيش السوري بلا قيد ولا شرط، وشيوع تقديرات واحتمالات بأن الخطوة التالية للجيش ستكون التوجه نحو ادلب لتحريرها من احتلال تنظيم "النصرة" وحلفائه .
الثالث ، شدّ الانظار مجدداً الى الخطر الاول والتحدي الاساس الذي يهدد الكيان الصهيوني ، امناً ومستقبلاً ، وهو "ايران النووية" ولا سيما خطر تموضعها في وسط سوريا وجنوبها بقواعد صواريخها البالستية وكتائب حرسها الثوري. في هذا الإطار يحرص المسؤولون الإسرائيليون ولاسيما اليمنيين المتطرفين منهم ، على إبداء الإرتياح بنزوع ترامب الى إقصاء الوزراء والمستشارين الذين يبدون فتوراً نحو مطلب مواجهة ايران كوزير الخارجية السابق ركس تيرلرسون ومستشار الامن القومي هربرت ماكمستر ، وإبراز الإبتهاج بتغيير دايفيد بومبيو خلفاً للأول . وجود بولتون خلفاً للثاني ، وكلاهما من غلاة "المحافظين الجدد" المعادين لإيران ودعا لمواجهتها عسكرياً اذا اقتضى الامر.
الى ذلك ، فإن للكشف رسمياً عن تدمير المفاعل النووي(؟) السوري بعد 11 سنة على حدوثه دافعين : سياسي واستراتيجي . الدافع السياسي هو تعبئة الجمهور الإسرائيلي عاطفياً وعنصرياً لمواجهة ما يعتقد المسؤولون الإسرائيليون ان "حماس" في صدد اجرائه في المستقبل المنظور: تنظيم "مسيرة العودة الكبرى" التي سيسير فيها الوف الفلسطينيين من قطاع غزة في اتجاه السياج الامني على "الحدود" مع "اسرائيل" وينصبون على طوله خيماً وذلك بغية "وضع اسرائيل" في مواجهة نحدٍّ يجمع ، من جهة ، بين التهديد الامني المحسوس جراء محاولة اجتياز حدود القطاع ، ومن جهة اخرى ، بين التهديد على صعيد الوعي يضع الرد الاسرائيلي تحت ضؤ سلبي امام الجماهير التي تستهدفها الحملة "(راجع دراسة الباحثين في معهد دراسات الامن القومي ، "مباط عال" ، 2018/3/20).
الدافع الإستراتيجي هو تعبئة الجمهور الاسرائيلي وإعداده لتقبل الغاية الرئيسة من وراء توقيت كشف تدمير المفاعل النووي (؟) السوري في هذه الآونة وهي ، بحسب رأي نتنياهو ، "ان سياسة "اسرائيل" تتمثل في منع اعدائها من امتلاك اسلحة نووية". وزير شؤون الإستخبارات يسرائيل كاتس اكد ان كشف واقعة تدمير المفاعل السوري هو "رسالة واضحة فحواها ان "اسرائيل" لن تسمح ابداً لبلاد تهدد وجودها مثل ايران بإمتلاك اسلحة نووية ". وزير الشؤون الاجتماعية غيلا غمليئيل اكدت بدورها ان "اسرائيل" لن تسمح للإيرانيين بترسيخ انفسهم في الحدود الشمالية ، ولن تسمح لأعدائها بأن يصبحوا اقوى او بتهديد وجودها".