نشرت بجريدة "الخليج" 13/8/2016
الله في السماء والقمر... والكواكب بلا حياة
لكنه في المحيطات ايضاً حيث الكائنات الحيّة والمعادن...
د. عصام نعمان
تتبارى الدول الكبرى (والصغرى) في الوصول الى القمر وبعض الكواكب والنجوم في المجرّة اللانهائية . الولايات المتحدة وصلت الى القمر والمريخ ومازالت تأمل بأن تحطّ مركباتها الفضائية على كواكب اخرى .
روسيا سبقت اميركا في الوصول الى القمر ، لكنها تخلّفت عنها في بلوغ سائر الكواكب .
الصين وصلت ايضاً الى القمر العام 2013 . لكن وسائل الاعلام الصينية الحكومية اعلنت قبل ايام انقطاع الاتصال نهائياً بمركبتها وبمسبارها الموجّه عن بعد. مع ذلك، ما زالت الصين تؤمّل بأن تصبح اول دولة آسيوية ترسل رحلة مأهولة الى القمر بحلول العام 2025 .
آخر المحاولات في غزو الفضاء اعلانُ كوريا الشمالية اعتزامها اطلاق المزيد من الصواريخ البالستية والاقمار الاصطناعية ، وانها تأمل برؤية العلم الكوري الشمالي على سطح القمر في غضون السنوات العشر المقبلة .
لعل اغرب المفاجآت ، اعلانُ شركة "مون اكسبرس" عن موافقة الحكومة الامريكية على قيامها بإرسال مركبة غير مأهولة الى القمر العام المقبل لتكون اول مؤسسة خاصة تضطلع بهذا النوع من المهمات .
لم تُنهِ الشركة بعد بناء مركبتها المسماة "أَم اكس لاب" ، لكن يُتوقَع ان تقلع نهاية العام 2017 مدفوعةً بصاروخ من طراز "روكيت لاب" الذي تصممه ايضاً شركة خاصة .
ما الهدف من هذا المشروع ؟
الجواب : تصميم مركبات غير مأهولة يمكن من خلالها استثمار موارد القمر من معادن وحجارة !
هذه غاية شركة "مون اكسبرس" . غير ان ثمة علماء في الولايات المتحدة وغيرها يعتقدون ان كوكب الارض بكل موارده الطبيعية والصناعية لن يكفي الجنس البشري بملياراته المتزايدة بعد قرن من الآن لإعاشتهم وسدّ حاجاتهم الامر الذي يتطلب الوصول الى احد الكواكب الغنية بالموارد الطبيعية كي يهاجر اليه الافراد والجماعات البشرية طلباً للمزيد من المساحات الحرة والموارد الطبيعية والغذاء ...
من الواضح ان العلماء ينظرون الى السماء (والفضاء) بالدرجة الاولى لإكتشاف المزيد من الكواكب والنجوم . ففي السماء الله تعالى الذي يتضرّع اليه البشر ويطلبون منه الرحمة والسلامة والرزق الحلال . لكن الله ليس في السماء فقط بل في كل مكان من هذا الكون بأراضيه وسماواته ومحيطاته جميعاً ، فلماذا لا يبحث العلماء في اعماقه ، اي في محيطاته ، عن الموارد والغذاء والرزق الحلال ؟ لماذا لا يتضرعون الى الله تعالى من اعماق المحيطات كما يفعلون على سطح الارض او من المركبات التي تجوب فضاء الكون الخارجي؟
يبدو ان ثمة علماء واقتصاديين بدأوا يتجهون الى اعماق المحيطات بدلاً من الإتجاه الى الفضاء ، بمعنى ان يعيروا المحيطات اهتماماً موازياً للإهتمام بالفضاء الخارجي وكواكبه ونجوم المجرّة التي لا يحدّها خيال . فقد اتضح لهؤلاء العلماء ان سهولاً قاعية واقعة في قاع المحيط الهادئ ( الباسفيك ) تمتد على مساحة قدْرُها ملايين الكيلومترات المربعة بين شواطئ ولاية كاليفورنيا وجزر الهاواي الامريكية حيث تكثر اشكال غير معروفة من الحياة .
تُعتبر مواطن هذه السهول القاعية ، على عمق 4 الاف متر تقريباً ، غنية بالمعادن النادرة والنكيل والكوبلت . وقبل البدء بعمليات استخراج الموارد الطبيعية المذكورة على نطاق واسع ، اجرى علماء المحيطات بحوثهم في تلك السهول ، واكتشفوا 12 كائناً حيّاً ، كانت سبعة منها غير معروفة لعلماء الاحياء، علماَ بأن اثنين من تلك الكائنات السبعة لم يكونا من نوع جديد فحسب بل انتميا لجنس جديد وحتى لفصيلة جديدة . ويعتقد العلماء ان هذا النوع من اشكال الحياة يعود الى الطبيعة الفريدة من نوعها للوسط المحيط بها .
ثمة احياء ، اذاً، في اعماق المحيطات فضلاً عن المعادن النادرة والموارد الطبيعية ، في حين لا كائنات حيّة في القمر والمريخ وسائر الكواكب التي يطمح علماء الفضاء بالوصول اليها . بعبارة اخرى ، لا سبيل الى مباشرة حياة جديدة لائقة تفي بحاجات الناس المهاجرين الى الكواكب المراد اعتمادها رديفاً او بديلاً من الكوكب الارضي ، فلماذا لا يركّز العلماء (والحكومات) على ريادة المحيطات بدلاً من ريادة الفضاء الاكثر خطراً وتكلفة والاقل ماء وموارد ورزقاً حلالاً ؟
اذا كان عامة الناس ، وحتى الحكماء ، يعتقدون ان الله تعالى في السماء ، فيرفعون اليه اياديهم بالدعاء ويتضرعون ، فإن من المنطقي ايضاً ان يكون ، جلّ جلاله، في اعماق المحيطات حيث عناصر الماء والموارد والمعادن والرزق الحلال متوافرة اكثر بما لا يقاس من وجودها المفترض في الكواكب المراد بلوغها .
يا بني البشر ، إستعدوا للنزول بلا ابطاء الى اعماق المحيطات حيث الله والكائنات الحية والموارد الطبيعية والخيرات والرزق الحلال ...