جريدة " الخليج"
18/1/2014
موسم الضغوط المتبادلة بين الحلفاء
د. عصام نعمان
إنه موسم الضغوط المتبادلة.. الولايات المتحدة تضغط على حلفائها للتخلي عن شروطهم والإنصياع لمقتضيات انعقاد مؤتمر جنيف-2 في مونترو السويسرية الحلفاء يساومون امريكا ويحاولون بوسائل شتى حملها على استجابة شروطهم وتحفظاتهم
الضغط الاميركي على السعودية يتناول اربع مسائل الاولى ، ضرورة حضورها بالذات المؤتمر العتيد الثانية ، تلطيف موقفها من ايران بغية دعوتها للمشاركة في المؤتمر الثالثة ، الضغط على اصدقاء الرياض في صفوف المعارضة السورية للتخلي عن اشتراطاتهم لحضور المؤتمر دونما تحفظات الرابعة ، إقناع اصدقائها في صفوف قوى 14 آذار بالموافقة على تأليف حكومة لبنانية جديدة بالإشتراك مع حزب الله
السعودية وافقت على حضور المؤتمر ، واوقفت ضغوطها على المعارضة السورية بغية تسهيل حضورها ايضاً ، كما قالت لإصدقائها في قوى 14 آذار إنها لا تمانع في اقامة حكومة جامعة تضمهم مع ممثلي حزب الله اذا كانوا يرغبون في ذلك اما بشأن ايران فإنها ما زالت ، على ما يبدو ، تعارض حضورها المؤتمر
الضغط الاميركي على ايران يرمي الى الحصول على موافقة صريحة منها على مضمون بيان مؤتمر جنيف-1 الذي تضمّن بنداً بإنشاء هيئة (حكومة) انتقالية كاملة الصلاحيات في سوريا ما يعني ، وفق تفسير واشنطن للبيان ، تنحية الرئيس بشار الاسد في قابل الايام
ايران ترفض تقييدها بأي شروط لقاء دعوتها لحضور المؤتمر فهي تتبنى موقف حكومة سوريا التي سبق ان اعلنت انها ليست ذاهبة الى جنيف -2 لتسليم السلطة لأحد
اميركا لم تكن بحاجة للضغط على تركيا لحضور المؤتمر ، ذلك ان انقرة استشعرت قبل اشهر خطورة تدفق الإرهابيين على سوريا واحتمال انعكاس حركتهم المتطرفة على الداخل التركي ، ولاسيما لجهة تجاوز الحدود التركية – السورية في جنوب شرق البلاد حيث يتواجد على جانبيها اكراد ترك واكراد سوريون يتعاطفون مع بطلهم المسجون عبد الله اوجلان لذلك اوقفت انقرة نقل الاسلحة الى التنظيمات الإسلامية المتطرفة اكثر من ذلك : دعا الرئيس التركي عبد الله غل الى تغيير سياسة بلاده حيال سوريا بعد سنوات من معارضتها نظام الرئيس الاسد قال "إن الوضع الحالي يشكّل سيناريو خاسراً لكل دولة ونظام وشعب في المنطقة "
اميركا ضغطت على حكومة بنيامين نتنياهو لتوليف "اتفاق اطار" مع السلطة الفلسطينية لضمان الإستمرار في المفاوضات نتنياهو وحلفاؤه ادركوا حاجة واشنطن الملّحة للإتفاق فأخذوا يبتزونها بوسائل عدة كرفض الإنسحاب من القدس الشرقية لكونها "عاصمة "اسرائيل" الابدية" ، ورفض الإنسحاب من غور الاردن لأنه ينطوي على اهمية إستراتيجية بالغة لأمن "اسرائيل" ، ورفض الإقرار بحق العودة للاجئين الفلسطينيين السياسيون المتطرفون لم يكتفوا بذلك بل لجأ الاكثر تطرفاً بينهم ، وزير الحرب موشيه يعلون ، الى وصف خطة وزير الخارجية الاميركي جون كيري بأنها " لا تساوي الورق الذي كتبت عليه" ، وان كيري ينطلق من دوافع شخصية "مسيحانية" لنيل جائزة نوبل في جهوده لتحريك التسوية السياسية مع الفلسطينيين !
سوريا لم تنجُ ايضاً من ضغوط اميركا فقد مارست عليها واشنطن ضغوطاً سياسية شديدة من خلال وكالة الامم المتحدة للاجئين ، وبواسطة السلطة الفلسطينية محور الضغط تركّز على فتح ممرات انسانية لوصول المساعدات والأغذية للسكان المحاصرين في بعض المدن السورية ومخيم اليرموك الفلسطيني دمشق ابدت استعدادها للتعاون مع الامم المتحدة وخصصت وحدات من الجيش السوري للمساعدة في نقل المساعدات الغذائية والطبية غير ان وزير العمل الفلسطيني احمد مجدلاني الذي كان حضر الى سوريا للتحقيق في مشكلة ادخال المساعدات الى مخيم اليرموك فضح ملابساتها في مؤتمر صحافي اتهم خلاله مجموعات مسلحة (ابرزها جبهة "النصرة") بإفشال دخول مساعدات غذائية وطبية الى المخيم ، داعياً الى عدم استخدامه كرهينة في الأزمة السورية
لعل المسألة الوحيدة التي لم تضطر واشنطن الى ممارسة ضغوط للإتفاق بشأنها هي مسألة مكافحة الإرهاب فقد بات واضحاً ان اميركا وروسيا اتفقتا على ان الإرهاب "الإسلاموي" المتمثل بتنظيم "القاعدة" وتفرعاته هو العدو المشترك ، وانه يقتضي توحيد الجهود لمكافحته بلا هوادة
لعل مكافحة الإرهاب باتت القاسم المشترك بين سياسات معظم دول المنطقة بإستثناء "اسرائيل" التي احترفت استخدامه ، مباشرةً او مداورةً ، لإضعاف اعدائها حتى الولايات المتحدة تلجأ احياناً الى بعض التنظيمات الإرهابية ، من حيث هي مؤجرة خدمات ، للنيل من اعدائها يتردد ان تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام " (داعش) قدّم في مرحلة سابقة خدمات مأجورة للولايات المتحدة في ساحتيّ العراق وسوريا قبل ان تكتشف واشنطن انه تجاوز حدود "وظيفته" لأغراض تتعلق بأجندته الخاصة ، فكان ان قطعت عقد إيجاره وعادت الى محاربته
ثمة مشكلة اخرى تواجه اميركا وحلفائها في سوريا فهي كانت صنّفت "جبهة النصرة" تنظيماً ارهابياً لكن "النصرة "بات عماد المعارضة السورية المسلحة بعد ان وقعت الواقعة بينه وبين تنظيم "داعش" ، فكيف ستخرج واشنطن من هذه الورطة ؟
مشاكل واعتراضات وتحفظات كثيرة تواجه اميركا عشيةَ إنعقاد مؤتمر جنيف-2 وتجد صعوبة في معالجتها لذلك يضغط حلفاؤها في المعارضة السورية لارجاء المؤتمر شهراً او شهرين ليتمكّن الجميع من تدوير الزوايا وتوفير المناخ الملائم لإنعقاده
والحرب في سوريا وعليها مستمرة